الرد المتين

إن فضائل الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي لا تَنحَصر، وكيف يُتَصوَّر أن تنحصرَ فضائلُ الورثةِ المُحمَّدين وهُمُ اللذين تجرَّدوا عن كُلِّ وَصفٍ خَلقي فكساهُم الحقُّ تعالى ما شاء من أنوار أسمائه وصفاته.

وقد ابتلي رضي الله عنه بالإنكار عليه لِما تحقَّقَ به في سرِّهِ مِن العِلم بالله، وأبرزَهُ في كُتبِه التي تكلم فيها عن الحقائق بلسان أهل التحقيق، وهو لسانٌ لا يعرفهُ إلا أهل الأذواق أصحاب المجاهدات والرياضات، ولذا وقع فيه وخاضَ فيما لا يعنيه بعضُ مَن تحَجَّرَ فكرُهُ، وجَمُدَ عقلُه، وظَنَّ أنه يُدافعُ عن حقِّ الإسلام.

وقد ألَّفَ الشيخ العلامة عبد الغني النابلسي كتابه «الرد المتين على منتقص العارف محيي الدين»، للرد على بعض من أنكر على الشيخ الأكبر بحسب فهمه لكلامه دون الوقوف على حقيقة مقاصده، أو معرفة اصطلاحه، وقد كان النابلسي رضي الله عنه مِن أعلم الناس بكلام سيدي محيي الدين ابن العربي، إذ قرأ تآليفه على جماعة من أكابر علماء زمانه، حيث ذكرَ أسانيده في صلوات وأذكار ومؤلفات الشيخ الأكبر، فكان ممن أخذ عنهم وأجازوه فيها والده وشيخه وقدوته العالِم العلامة، والعمدة الفهامة الشيخ إسماعيل المعروف بابن النابلسي الحنفي، والشيخ العلامة نور الدين الشبرملسي، ،الشيخ عبد القادر الصفوري، وغير هؤلاء من شيوخ عصره.

والحقُّ أنَّ الشيخ العلامة عبد الغني النابلسي قد فاض عِلمًا في هذا الكتاب على من أراد معرفة القول الفصل فيما وجَّه المنكرون مِن التهم للشيخ الأكبر رضي الله عنه، فنسأل الله له أوفر الجزاء على ما قدَّمه مِن الذَّبِ عن أعلم العلماء وقطب العارفين سيدي محيي الدين كما وصفه في مقدمته للكتاب.